تحميل كتاب القارئ في النص مقالات في الجمهور والتأويل pdf أصبح الانشغال بالجمهور والقراء والتلقي والاستجابة والتأويل أمراً مركزياً في النقد الأميركي والأوروبي المعاصر مع بداية الثمانينيات. والانتعاش في هذا الحقل من الدراسات وجّه النظرية النقدية وجهة جديدة، وأفضى إلى ممارسة نقدية مكثّفة شملت حقباً أدبيةً عديدة، كما شملت قراءةً وإعادةَ قراءةٍ لفنون غير أدبية، ولحقول معرفية متنوعة. وإذا ما استذكرنا، بإيجاز شديد، مطافات النظرية النقدية، سنجد أن حقباً أدبية عديدة كرّست فعاليتها النقدية للمؤلف، ثمّ خرج النقد من هذا المخنق ليتمحور حول النصّ لحقبة أخرى. وما بين المؤلف ونصّه، كان هناك نسيان مبيّت لشريكٍ أساسيّ في هذه اللعبة: إنه القارئ. ولن ينفع التذرّع بتلك الرؤى الجزئية المبثوثة هنا أو هناك في تاريخ الاهتمام بالقارئ أمام تلك الرؤى الكلية والهياكل الكبرى التي مُنحت للمؤلف ونصّه... ولئن اضطهد جمهور القراء طيلة الحقب المنصرمة، فلقد آن الأوان لاسترداد حقّه، وإعادة اعتباره، وإشراكه فيما له نصيب فيه، وهو نصيب مؤكد وكبير. ولسنا نريد، بهذا، الإيحاءَ بأن النقد ظالم وضالّ، وخالٍ من الحيوية بغياب القارئ، بل نودّ تأكيد أنه تفجّر حيويةً بحضور القارئ. ولسنا نريد، أيضاً، أن نضيّق من أفق مفهوم القارئ لنحدّه بقارئ له عينان ويدان، فهذا الكتاب الذي سيقع بين يدي القارئ وعينيه سيؤكد وجوداً آخرَ للقارئ: إنه القارئ في النص . هذا القارئ الكامن في النص أعاد ترتيب الأولويات، وخلق تنوّعات نقدية. ومثلما أشرك نفسه في العمل، أشرك مقترباتٍ متنوّعةً في العمل أيضاً. لذلك؛ سنجد بين يدي هذا القارئ في النص جمهرة من النقود البلاغية، والسيميائية، والبنيوية، والظاهراتية، والتحليلنفسية، والاجتماعية والتاريخية، والهرمنوطيقية. وسنرى أن حيوية هذه الجمهرة ترتكز على معرفة شيء محدّد، وهو أن الأبعاد المختلفة للتحليل والتأويل ممكنة. وسندرك أن صهر المقتربات في بوتقة واحدة لا يمثّل، ضرورةً، نزعة سلبية في الانتقاء، ولا يمثّل نخراً في أسس النقاء، والانسجام، والوحدة، والتماسك، بل هو، بالأحرى، ضرورة إيجابية، وتمتين للأسس.
عرض المزيد