تحميل كتاب مدخل إلى التنمية المتكاملة رؤية إسلامية ط 4 pdf 2011م - 1443هـ المسلمون بين التحدي والمواجهة. الحقيقة فهو سبيل المبادئ الجديدة التي ترسم للإنسان طريق الخلاص، من خلال حلّ مشاكله الاجتماعية. وعندما تُطرح القضية على هذا الأساس، فمن الطبيعي أن يكون الاتجاه الأقوى مع الأسلوب الذي يحترم فكر الإنسان باحترام علامات الاستفهام التي تثور في ذاته، ضدّ الأسلوب الذي لا يسمح للفكر أن ينطلق، ولعلامات الاستفهام أن تبحث عن جواب. وهكذا امتدّت هذه الفكرة القائمة المشوّهة عن الأسلوب الإسلامي في العمل، بفعل النماذج المتخلّفة وبوحي الدعاية المضادّة، حتى خُيّل للكثيرين خطأ الأساليب الهادئة التي تؤمن بالكلمة الهادئة التي تنطلق بالمحبّة، وبالجوّ المنفتح الذي يفسح المجال في الحوار، حتى لكلمة الكفر أن تُقال دون أن تقابلها الانفعالات الذاتية التي تفتّش عن الشتائم في كلمات الزندقة والكفر وغيرها. وربّما حاول بعض المؤمنين أن يبادروا إلى اتهام الذين يمارسون هذه الأساليب السلميّة بالتساهل في أمور الدين، والتهاون مع أعداء الله، الأمر الذي يبرّر لهم أن يلصقوا بهم نعوت المداهنة والمجاملة والضّعف والتخاذل، إلى غير ذلك من الألفاظ التي لا تشرّف عاملاً ولا تكرّم داعياً. وقد يكون لهؤلاء بعض العذر فيما يتخيّلون، وفيما يمارسون، من خلال بعض الآيات التي يقرأونها ويجدونها تدعو إلى الشدّة، ومن خلال بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تشجّع على العنف، فيظنّون أنّها الدَّعوة الحاسمة التي تتّسع لكلّ زمان ومكان. ولكنّهم قد يغفلون قراءة الآيات الأخرى التي تدعو إلى الرّفق والّلين والتسامح والهدوء، وينسون مراعاة الأحاديث التي تحثّ على استعمال الأساليب السلميّة في مجال العمل.. وبهذا يفقدون معرفة الحقيقة الإسلامية الأصيلة التي تبرز من خلال المقارنة الواعية التي تصنّف هذه الآيات في حالة من حالات الفرد والمجتمع، وتصنّف الآيات الأخرى في حالات أخرى تختلف عنها بالزمان والمكان. وقد نجد في هذا كلّه، وفي الدراسة الموضوعيّة للقرآن، خطأ تلك الفكرة المغرضة المشوّهة التي تعتبر الإيمان الأعمى سبيل الأديان إلى الحياة.. فقد انطلق القرآن من فكرة رفض التقليد للعقائد والعادات الموروثة، وتركيز قيمة العقل كأساس من أُسس المعرفة الحقّة، واعتبار الحُجّة هي الإيمان بالحقيقة، فلا حقيقة بدون نور، ولا نور بدون برهان يسلّط الأضواء على الحقيقة. وبدأ القرآن ـــ على هذا الأساس ـــ يفتح باب الحوار مع الآخرين في كلّ فكرة حتى فكرة الإيمان بوجود الله، إلى آخر حكم من أحكام شريعته، ليحوّل النظرية إلى ممارسة عملية في مجال التطبيق. .
عرض المزيد